تنمية طاقات المراهقة
د.سبيرو فاخوري
درهم وقاية خير من قنطار علاج..هذه الحكمة العربية القديمة لازالت قائمة حتى يومنا هذا.
والوقاية في مجالنا هذا تكون بنشر الثقافة الجنسية السليمة والتوعية الصحية غير المحرفة في المدرسة والبيت...
ويجب أن نقدم,بكل جرأة,على توعية المراهقين وتنبيههم الى ماهو مقبلون عليه من تغيرات وتبدلات في اثناء فترة بلوغهم ومراهقتهم.
ومن ناحية أخرى,يجب فتح المجال أمام المراهقين للتنفيس عما يشعرون به من نشاط وحيوية,وإيجاد المخارج الملائمة لهم.
فيجب تشجيعهم مثلاً على ممارسة الرياضة البدنية وتنظيم الرحلات والانضواء في جمعيات كشفية أو نواد رياضية,وحضور الندوات الثقافية والفنية..الخ,فكل هذه النشاطات تساعد على تنفيس الطاقات الجنسية والنفسية عند المراهق,وتمد له الجسور للتعرف,بشكل أفضل,على مايجري حوله وعقد الصداقات البريئة مع اقرانه.
ولابد لكل أب وأم,أومرب أومدرس,أو كل له صلة أو تعامل مع المراهقين والمراهقات,أن يتسموا بالفهم والأناة والصبر,ويعالجوا مشاكل الشبيبة من منظار واسع,وأن يساعدهم على حل مشكلاتهم,كل على حدة,بدون تسرع وإنفعال وعصبية,وذلك من أجل كسب ثقتهم ومساعدتهم على تخطي هذه الفترة الحرجة التي هي فترة المراهقة.
ومتى أحسن الأبوان في البيت والمدرس في المدرسة توجيه المراهق توجيهاً صائباً,مع الحفاظ على شخصيته,ينشأ معتزا بذاته مع تكوين نظرة ثاقبة متبصرة في الحياة.
فالنصح والإرشاد والعطف تمثل جميعها صمام الأمان لضمان المحافظة على العلاقة البناءة بين المراهق وأسرته ومجتمعه.
والرأي التالي يعكس رأي فتاة مراهقة بشأن توجيه أبويها المقترن باللطف.فهي تقول في رسالتها لي:
"...لايخالجني شك في أن تدليل الفتاة,أو الفتى,والمبالغة في حمايتها سيفقدها فرصة الاعتماد على النفس فيما بعد حين تقتضيها الحال مواجهة ظروف الحياة مجردة من سلاح الحماية.
لقد وجهني والداي بالنصح وإسداء الاقتراحات,وقد تركا لي حرية التفكير بنفسي ولنفسي.
ولقد أدركت جيداً,بعد شيء من التأمل,أنهما كانا دوماً على صواب,فكنت أتفق وإياهما في الرأي.
إن معاملتهما لي معاملة فتاة ناضجة قد أكسبتني روح الشعور بالمسؤولية التي كان متعذراً علي اكتسابها لو أنهما عاملاني بغير تلك الروح المذكورة.
لقد غرسا في روح القة بالنفس مما مكنني من اتخاذ قرارات حاسمة بنفسي إذا اقتضت الضرورة ذلك,على أن هذا لايعني أنني أرغب في العزلة التامة عنهما أو عدم استشارتهما إذا ما ألم بي مكروه,بل على العكس سوف ألجأ إليهما لأتلقى منهما العون والحنان متى شئت".
من المثال المذكور يبدو جلياً أن المراهقين,مهما تاقت انفسهم الى الاستقلال الذاتي والاعتماد على النفس,فإنهم يشعرون في قرارة أنفسهم بأنهم أحوج مايكونون الى تجربة الأبوين في الحياة.
فهم لهذا السبب يودون التحدث الى الكبار حديث الراشدين الواثقين من أنفسهم في الوقت ذاته الذي يسعون جاهدين لنيل التحرر النفسي.
:king:
__________________