وأخيرا تحقق الحلم. حلم طالما راوده في تغيير مفهوم عمل المحركات، بعدما ضاق ذرعا بالوعود والمراسلات، عبر الانترنت للشركات الكبرى، فآثر العمل على مشروعه وحيدا، وبمساعدة محدودة من أحد أصحاب ورش <الخراطة>. عمل ليل نهار، نهارا في ورش الخراطة، وليلا على مشروعه. أحب لبنان، ومكث فيه ليحقق مشروعه، علما بأن براءة الاختراع حصل عليها من بلده الأم تونس. على مدى أشهر ستة تابع المواطن التونسي فوزي بن رمضان المعلاوي، عمله بجد ومن دون كلل، أو يأس، رغم وضعه المادي السيئ. اضطر لبيع هاتفه الجوال لشراء بعض ما ينقص لمشروعه. حرم نفسه من كثير من الامور، حتى أنه لم يغادر لبنان خلال العدوان الاسرائيلي عليه. تأثر بمجزرة قانا التي ارتكبتها قوات الاحتلال، بحق أطفال لبنان، فأطلق اسم <قانا 2006> على محركه، عند تشغيله، وهو سبق أن قال ل<السفير> إنه في حال تحقق مشروعه فإنه <سيحمل اسم لبنان، البلد الذي ولد فيه المشروع>.
تحقق حلم <اختراع> فوزي في تنفيذ نظام جديد لنقل الحركة في المحرك، بثلاث اسطوانات، والتي تختلف كليا عن الانظمة المعروفة، ونجح في تشغيله. النجاح يهديه للبنان، البلد الذي احتضنه، وسهل له حرية العمل. أعطى لمحركه شكلا سداسي الاضلاع، مع نظام غلق وفتح الهواء اطلق عليه (نظام صمامات القيادة)، ويعمل بالبنزين. ويدور المحرك ربع دوران المحرك العادي، بدلا من نصف دوران، وأعطى هذا النظام نجاحا في خلال الاختبار.
يولد النظام الجديد طاقة دوران أكثر مما هو معروف، يقول فوزي، مفسرا طريقة عمل المحرك بأنها تسير وفق نظام الاسطوانات السبع، لتولد قوة أحصنة أقوى بكثير من محرك على شكل حرف (V) بثماني اسطوانات من نفس الحجم.
باختصار نجح فوزي في اختراع محرك يعتمد على التروس في نقل الحركة داخله، ويتمتع بعدد من المزايا منها: تقليل نسبة الاحتكاك داخل المحرك، وتغيير شكل المحرك الخارجي ليتخذ شكلا دائريا، بالامكان تغيير كل اسطوانة على حدة من دون الاضطرار الى فك الهيكل، مرونة الحركة داخل المحرك وتقليل نسبة ضياع القوة الدافعة للمحرك.
هذا الجهد اعترضته مشاكل فنية عدة، أهمها ضيق الحال المادية لتأمين تصنيع القطع، فكان فوزي يعمل نهارا في احد المعامل، وفكره منصب على كيفية تأمين القطع، وتصنيعها. وليلا يشتغل على محركه، بعدما يؤمن ما يتيسر له من مال، حتى أنه كان ينام بالقرب من اختراعه. حتى وصل الى مراحله الاخيرة، فعجز عن تأمين <دينمو> لتدوير المحرك، فاستعاض عنه بآخر مناسب له، خصوصا أنه يحتاج الى قاعدة جديدة مع مقاسات تختلف عن المعروفة. وايضا يحتاج الى (كاربراتور) ليؤمن تدفق البنزين والهواء أسرع مما هو موجود حاليا، ليعطي دفعا أقوى.
المشاكل الفنية، يعتبرها فوزي غير ذات أهمية ميكانيكية، ولا تؤثر على عمل المحرك، وهي تحل عند توفر الاموال اللازمة. وشبه قوة محركه بالموجودة في محركات الطائرات الصغيرة، ذات المروحة الواحدة الامامية.
وعن مشاريعه المستقبلية، يأمل في تصميم أول سيارة عربية، ينافس فيها سيارة <هامر> الاميركية الصنع، من حيث القوة والمناورة والمرونة، في حال توفر فريق من المهندسين. فوزي مخترع عربي، أحب لبنان وتأثر بأهله، عاش همومه، وترقب أخباره، تأثر بما يجري حوله، لكنه صبر حتى تحقق حلمه، ويبقى أن يجد من يتبنى هذا الحلم، حتى يستفاد منه.
و السلام عليكم انشاء
الله يعجبكم